المقدمة:
لقد خلق الله تعالى الإنسان وكرمه وهداه وفضّله ، وخلق له من بني جنسه زوجاً ليسكن إليه وجعل بينهما مودة ورحمة ، وبث منهما بنين وحفده ورزقهم من الطيبات وسن لهم من التشريعات ما يبين لكل فرد من الأسرة الواجبات والحقوق التي له وعليه لتستقيم الحياة على ذلك .
كما أحل الله له الطلاق ، وجعله المخرج لمن ضاقت بهما السبل في استحالة العشرة ولكنه ــ كما قيل ــ أبغض الحلال إلي الله ، وذلك للحد من الطلاق أو عدم الالتجاء إليه في كل حال .
ومن رحمة الله بعباده أن جعل الطلاق لا يقع في أحوال كثيرة ، فالطلاق بيمين غاضبة وغيرها من الصور لا يقع ، كما جعل فيه رجعة فهناك الطلاق الرجعي والبائن بينونة صغرى وبينونة كبرى.
كما لم يجعل الإسلام في الطلاق عبثاً فقد قال صلوات الله وسلامه عليه " ثلاث هزلهن جد وجدهن جد " الطلاق والنكاح والرجعة " أخرجه أبو داؤود من حديث أبي هريرة. وقال تعالى " الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان "(سورة البقرة الآية 229 ) ولأن هناك فروقاً بين فئات المجتمع الواحد ، فقد اشترط الشارع في الزواج أن يتوفر فيه شرط التكافؤ، وهو أن يكون الطرفان على قدر متقارب في المستوى المعيشي والفكري ، وغيرها من مجالات الحياة ، وإن لم يكن ذلك فقد تسوء العاقبة وتنتهي العلاقة .
وهناك شرط رئيسي ، وهو القدرة على الإنفاق ، فإن كان الزوج غير قادر على الإنفاق كان ذلك سبباً لوجود المشكلات والعوائق التي تستحيل معها الحياة الزوجية مما يؤدي إلي الطلاق .
كما أن هناك عوامل أخرى مساعدة لإنجاح الحياة الزوجية ، وبانعدامها يمكن أن يقع الطلاق ، وذلك مثل مشاعر الود والحب والاحترام والتقدير المتبادل بين الزوجين كل هذه العوامل لها دور كبير في إنجاح الحياة الزوجية ، لاسيما في ظل الروابط الأسرية الجيدة ، والعلاقات الاجتماعية الوثيقة بين الناس .
مما سبق يتضح أن الدين الإسلامي وضع للأسرة نظاماً يكفل لها السعادة والاستقرار العائلي وهذا النظام يكفل للزوجين المشاركة والاستقرار في الحياة الزوجية ، وفق جملة من الضوابط والآداب والأخلاقيات التي يجب أن يتحلى بها كل من الزوج والزوجة لضمان سعادتهما واستمرار حياتهما معاً.
كما أن حياة المجتمع وتفاعلاته حول قضايا الزواج والطلاق مبنية أساساً على هذه المبادئ الإسلامية ومحكومة بمجموعة المعطيات الثقافية والاجتماعية والتراثية الموجودة في بيئته الاجتماعية ، لذلك يلاحظ تدني نسب الطلاق في المجمع السعودي في الماضي ، وأن النسب والتناسب والتكافؤ في الزواج كانت منتظمة لكن الأحوال غالباً لا تدوم على وتيرة واحدة ، وقد يحصل أحيانا نوع من عدم التوافق بين الزوجين فتحدث الخلافات في الرأي وفي التوجيهات ، مما يؤدي إلى التنافر والاختلاف وربما إلي الافتراق وهذه سمة من سمات الحياة الاجتماعية في كل المجتمعات الإنسانية .(1)
الفصل الأول
· ظاهرة وتاريخ الطلاق
· والطلاق في الإسلام
ظاهرة الطلاق:
تعد ظاهرة الطلاق ظاهرة اجتماعية إنسانية فهي ظاهرة اجتماعية لكونها ذات علاقة بأهم مؤسسة اجتماعية في المجتمع ، ولأنها ذات أثر بالغ في حياة الأسرة والأولاد وعمليات التنشئة والتربية والتثقيف الاجتماعية وهي إنسانية لكونها لا تنطبق على المجتمع السعودي أو المجتمعات العربية أو الإسلامية فقط ، بل إنها ظاهرة قديمة حديثة تحدث بنسب متفاوته في جميع المجتمعات الإنسانية ولأن هذه الظاهرة تأخذ صفة الاستمرارية فإن أسباب حدوثها متغيرة من مجتمع إلي آخر ومن جيل إلي جيل وهذا التغير يخضع لمجموعة من الأسباب منها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والصحية والتعليمية وكذلك الأسرية وغيرها ، وتعد ظاهرة الطلاق إحدى الظواهر الاجتماعية التي عاني منها المجتمع السعودي في الآونة الأخيرة وهي من أهم المشكلات التي يترتب عليها كثير من الأضرار كالتفكك الأسرى وما يصاحبه من انحراف الأحداث والجرائم الأخلاقية المتعددة .
والمجتمع السعودي كغيره من المجتمعات يعاني من هذه المشكلة وقد ظهر ذلك بوضوح من خلال الإحصائيات الصادرة عن الجهات المهتمة أو المختصة بهذا الشأن حيث بينت تلك الإحصاءات ارتفاع نسبة الطلاق في مختلف مناطق المملكة وهو مؤشر على أن ظاهرة بهذا الحجم تعد من الظواهر السلبية التي لم تكن موجودة في المجتمع السعودي من قبل وقد تنادي أهل العلم والفكر وأولو الأمر لدراسة مثل هذه الظواهر السلبية في المجتمع وبيان حجم هذه المشكلة وضرورة الاهتمام بها ومحاولة لفت النظر إليها باعتبارها من المشكلات الاجتماعية الأساسية في المجتمع السعودي.(2)
تاريخ الطلاق:
قديم هو الطلاق قدم الزواج، فجميع الأمم السابقة عرفت الطلاق ووضعت شرائع لتنظيمه. ويعتبر كثيرا من الباحثين ان حامورابي البابلي صاحب أشهر القوانين في التاريخ كان أقدم المشرعين الذين سنوا لوائح للطلاق حيث نصت شريعته على حق الزوج في تطليق زوجته في حالة العقم (عدم الإنجاب)، وان للمرأة حق الانفصال الدائم عن الزوج في حالة الكراهية بعد إن يفصل القضاء في ذلك، وعند خطأ الزوج فأن المرأة تعود إلى بيت أبيها بعد أخذ حاجياتها .
إما الإغريق (اليونان القدماء) فأنهم أيضا مارسوا الطلاق حيث يعد من سلطات الرجل وانه يوقعه لأي سبب يراه وفي أي وقت يشاء. أيضا فأن الرجل يمكنه تزويج مطلقته إلى شخص آخر أو إن يوصي بها لشخص آخر بعد مماته. ولا تستطيع الزوجة إن تطلق زوجها إذا كان عقيما إلا إن للزوج الحق في دعوة احد أقاربه للاتصال بزوجته ومعاشرتها لإنجاب الأولاد .
وهو ما يذكرنا بنكاح الأستبضاع الذي كان معروفا عند عرب الجاهلية. إما عند الرومان فقد بدأ تشريع الطلاق بإعطاء السلطة للرجل في إيقاعه. وفي العصر الروماني الكلاسيكي أصبح للمرأة الحق في تطليق الزوج بدون قيود وبلا سبب. وقد خالف جوليانوس الملك قسطنطين بتحديد حرية الطلاق بأعطاءها للطرفين تماشيا مع التقاليد والعادات الرومانية.
وفيما يتعلق بالأديان السماوية فان اليهودية القديمة أعطت الرجل الحق في طلاق زوجته عندما يعلم أنها سيئة السلوك أو عند رغبته الاقتران بامرأة أخرى. وتحرم اليهودية عودة المطلقة إلى زوجها حتى وأن طلقها الزوج الثاني أو مات عنها، وليس للمرأة الحق في طلب الطلاق من زوجها، وهو الأمر الذي تغير في العصور الحديثة حيث أصبح يحق لها طلب الطلاق ولكن بعد إن تنظر المحكمة في الأمر.
إما في المسيحية فهناك اختلاف حول الطلاق فالمسيح عليه السلام حرم الطلاق بموعظة جاء فيها: "قد قيل: من طلق امرأته فليدفع إليها كتاب الطلاق. أما إنا فأقول: من طلق امرأته لغير علة الزنا فقد جعلها زانية، ومن تزوج مطلقة فقد زنى". وفي الكاثوليكية فأن الطلاق محرم لأي سبب استدلالا بنصوص سفر متى، ولوقا، ومرقس. وان على الطرفين احتمال المكاره والمساوئ حتى الموت. أما البروتستانت وهم اقل تشددا في مسألة الطلاق فأنهم يجيزون الطلاق ولكن في حالتين فقط: الزنا وتغيير الدين. ويبدي الأرثوذكس وهم طائفة مسيحية كبيرة مرونة أكثر في قضية الطلاق حيث يضيفون أسباب أخرى تستوجب الطلاق، إضافة إلى الزنا وتغيير الدين.
إما عرب الجاهلية فأنهم عرفوا الطلاق وأنواع متعددة من الزواج كزواج الرهط والأستبضاع. وفيما يخص الطلاق فأنهم أيضا مارسوه وأسرفوا في ذلك وقد كان للطلاق عدة أشكال هي على النحو التالي:
1- نظام الطلقات الثلاث: والنظام الرجعي.
2- نظام المخالعة حيث يقول الأعرابي لزوجته: حبلك على غاربك أي أخليت سبيلك.
3- نظام الظهار كقول الرجل لأمرأتة : أنت محرمة علي كظهر أمي. وقد حرم الإسلام الظهار بعد حادثة حاطب بن أبي بلتعه التي نزل آية التحريم بسببها.
4- نظام الأيلاء: وكان ايلاؤهم في الجاهلية يصل إلى المسن والمسنين فإذا فارق الرجل زوجته على مال فيقال لذلك الخلع، حيث تفتدي المرأة نفسها بمال. ومن العرب من لا يطلق بل يهجر زوجته حتى تدفع له مالا فيطلقها عندئذ. وبعض نساء الجاهلية كن يشترطن للزواج بهن أن تكون العصمة بأيديهن ومنهن سلي بنت عمر بن زيد بن لبيد الخزرجية، وفاطمة بنت الحرشي الأنمارية، وأم خارجه وغيرهن
وقد عد الإسلام الأيلاء عقاب غير مبرر للزوجة وعده من الأسباب التي تجيز للمرأة طلب الطلاق، ويقصد بالأيلاء امتناع الرجل عن معاشرة زوجته أربعة أشهر كعقاب لها ، علما إن الإسلام استعاض عن الأيلاء بهجر الرجل زوجته في المضجع وبالتأكيد لفترة قصيرة كأسلوب تدريجي يسبق الطلاق إذ ربما حدث تقارب بين الزوجين خلال فترة الهجر وعادت المياه إلى مجاريها مما ينفي الحاجة إلى الطلاق الذي يظل آخر العلاج عندما تستنفذ الخيارات الأخرى التي حددها الشرع الحنيف.(3)
الطلاق في الإسلام :
الطلاق إنهاء للعلاقة الزوجية بسبب من الأسباب ، وقد أباحه الشرع عندما تصبح الحياة بين الزوجين مستحيلة وعندما يشتد الشقاق بينهما .
والطلاق حل نهائى لما استعصى حله على الزوجين وأهل الخير والحكمين بسبب اختلاف الأخلاق وتنافر الطباع وفشل استمرار مسيرة الحياة بين الزوجين مما يؤدى إلي ذهاب المحبة والمودة وتوليد الكراهية والبغضاء فيكون الطلاق عندئذ طريقاً للخلاص من كل ذلك .
الطلاق لغة : مأخوذ من الإطلاق وهو الإرسال والترك.
شرعا هو: « حل ميثاق الزوجية ، يمارسه الزوج والزوجة ، كل بحسب شروطه تحت مراقبة القضاء.»
أركان الطلاق :
للطلاق أركان هي المطلق ، والقصد في الطلاق ، ومحل الطلاق .
أولاً: المطلق .
القصد في الطلاق ــ وهو أن يقصد المتكلم الطلاق إذا تلفظ به فلا تقع الفقيه إذا لم يقصده لأنه عادة ما يكرره ولا طلاق من يحكي الطلاق عن نفسه أو غيره ولا يقع طلاق مر بلسان نائم أو من زال عقله .
ثالثاً: محل الطلاق
ومحل الطلاق المرأة فهي التي يقع عليها الطلاق وذلك إذا كانت في حال زواج صحيح قائم فعلاً ، ولو قبل الدخول أو في أثناء العدة من طلاق رجعي لأن الطلاق الرجعي لا تزول به العلاقة الزوجية .ولا يقع الطلاق على المرأة إذا كانت في عدة الطلاق البائن بينونة كبرى لأن العلاقة الزوجية انتهت بين الزوجين وكذلك لا يقع في الطلاق البائن بينونة صغرى عند الجمهور ولا يقع عند الأحناف لبقاء بعض الأحكام الزوجية كوجوب النفقة أو السكنى في بيت الزوجية وعدم حل زواجها بآخر في العدة كما لا يقع الطلاق على المرأة بعد انتهاء العدة .
أنواع الطلاق :
ينقسم الطلاق إلي عدة تقسيمات باعتبارات متنوعة كالتالي :
1ــ من حيث الموافقة للسنة وعدمها ينقسم الطلاق إلي سني موافق للسنة وبدعي (مخالف للسنة )
2ــ من حيث الرجعة وعدمها ينقسم إلي رجعي و بائن
3ــ من حيث الصيغة ينقسم إلي صريح و كناية .
أولاً :
تقسيم الطلاق من حيث السنة والبدعة ــ ينقسم الطلاق إلي الطلاق السني وهو الطلاق الواقع على الوجه الذي ندب إليه الشرع وهو أن يطلق الزوج زوجته طلقة واحدة في طهر لم يمسسها فيه وهو الطلاق المشروع ، ويكون مرتان قال تعالي (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) " البقرة 229" فإن طلقها الثالثة فلا يحل له أن يراجعها إلا بعد أن تتزوج زوجاً غيره زواجاً صحيحاً .
ثانياً:
تقسيم الطلاق من حيث الرجعة ــ الطلاق الرجعى وهو الطلاق الأول أو الثاني الذي يوقعه الزوج على زوجته التي دخل بها حقيقة حيث يكون له بعده حق إرجاع الزوجة إليه مادامت في عدتها ، ويستحب الإشهار على الرجعة عند جمهور الفقهاء لكنه لا يشترط.
والطلاق البائن وهو الطلاق الذي يوقعه الزوج بزوجته وهو نوعان طلاق بائن بينونة صغرى مثل الطلاق قبل الدخول و الطلاق بالطلقة الأولى أو الثانية مع انقضاء عدة الطلاق دون رجوع من الزوج وبهذا تصبح المرأة أجنبية عن زوجها طلاق بائن بينونة كبرى وهو طلاق الرجل للمرأة للمرة الثالثة وبه تنفصل المرأة عن الرجل انفصالا نهائي فلا يحل له أن يتزوجها الا اذا تزوجت غيره زواجاً صحيحاً فإن تزوجها غيره زواجاً صحيحاً ثم طلقت منه حل له إن يتزوجها .
ثالثاَ:
تقسيم الطلاق من حيث الصيغة ــ يقع الطلاق باللغة العربية أو بغيرها من اللغات سواء أكان الطلاق باللفظ أم بالكتابة أم بالإشارة ، وينقسم الطلاق من حيث الصيغة الى صريح وكناية فالصريح يكون باللفظ الذي يفهم منه المراد ويغلب استعماله ويقع الطلاق بهذه الألفاظ دون حاجة الى نية تبين المراد منه لظهور دلالته ووضوح معناه ، طلاق الكناية وهو كل لفظ يحتمل الطلاق وغيره ولم يتعارف عليه الناس .
الزواج رباط مقدس وحل هذا الرباط فيه كثير من الأضرار في الغالب لذا فإن الشرع قد وضع قيوداً لإيقاع الطلاق .
ـــ أن يكون الطلاق لحاجة مقبولة فإن كان لحاجة غير مقبولة فإنه يقع ويأثم المطلق
ـــ أن يكون في طهر لم يجامعها فيه .
ـــ أن يكون الطلاق مفرقاً ليس بأكثر من واحدة .(4)
· آثار الطلاق المعنوية والمادية في الفقه الإسلامي :
1ـ العدة ــ أثر من آثار الطلاق وهي المدة التي تتربصها المرأة عقب وقوع سبب الفرقة فتمتنع عن التزوج فيها ، وبانقضائها يزول ما بقي من آثار التحريم والحكمة من العدة براءة الرحم حتى لا تختلط الأنساب و تهيئة الفرصة ليتمكن الزوج من مراجعة الزوجة المطلقة .
2ـ النفقة ــ وهي تجب للمرأة بعد الطلاق سواءً كان الطلاق رجعياً أو بائناً وسواءً كانت حاملاًُ أو غير حامل .
3ـ الحضانة ــ وهي حفظ الصغير مما يضره بقدر المستطاع والقيام على تربيته ومصالحه من تنظيف وإطعام وما يلزم لراحته فالحضانة بهذا المعني هي تربية الوالد في المدة التي لا يستغني فيها عن النساء ممن لها الحق في تربيته شرعاً .(5)
· الطلاق من واقع إفادات المحاكم الشرعية :
لقد أوضحت إفادات القضاة الشرعيين تعدد وتنوع أسباب الطلاق ، من واقع الحالات التي تظرتها محاكم الضمان والأنكحة في كل من الرياض وجدة والدمام وتبوك و أبها وتلخصت أهم تلك الأسباب فيما يلي :
ــ عدم قيام الزوجة بحقوق زوجها الشرعية ، كالخروج من المنزل بدون إذن الزوج ، وعدم احترامه وتقديره مما يولد البغضاء والكراهية .
ــ أشار القضاة إلى تدخل الأسر ، وخاصة أسرة الزوجة كان سبباً في إنهاء الحياة الزوجية للعديد من الحالات التي وصلت للمحكمة .
-أشارت إفادات القضاة إلي أن عدم رؤية الخطيب للخطيبة قبل إبرام عقد الزواج قد ساهم في العديد من حالات الطلاق التي استكملت أوراقها في المحاكم الشرعية
ــ تلفظ الزوج لزوجته بالسب والشتم وربما التعدي على أهلها سباً وشتماً
ــ عدم التزام الزوج بحقوق زوجته وأبنائه واحتياجات الأسرة .
-سهر الزوج خارج المنزل لساعات متأخرة من الليل ، وربما حتى الفجر والانشغال بمشاهدة التلفزيون في الاستراحات .
ــ تعاطي الزوج المسكرات والمخدرات وغيرها من المحرمات .
ــ عدم اعتراف الزوجة بفضل زوجها في المسؤوليات العديدة التي يقوم بها نحو زوجته و أبنائه ، وعدم شكره وإظهار التقدير له بكلمات الحب والوفاء.(7)
الفصل الثاني
الــطــلاق أسبـــاب وأثـــار
أسباب الطلاق :
1ـ التباين الصارخ في السلوك العام للرجل واتجاهاته مع سلوك المرأة واتجاهاتها مما يجعل من المستحيل الاتفاق أو الاستمرار في الحياة الزوجية .
2ـ الاختلاف بين الزوج والزوجة في بعض القدرات النفسية والعقلية ( طريقة الحياة للزوجة أو الزوج ) كالمزاج والطباع والانفعالات وغير ذلك مما يمكن أن يؤدى إلي الانفصال لعدم التوافق وصعوبة الاستمرار في الحياة الزواجية .
3ـ المشكلات الاقتصادية أو الفروق الاقتصادية بين الزوجين ونظرة كل منهما للأخر وفق هذه الفارق مما يؤدي إلى الخلاف وعدم التوافق وبالتالي الانفصال .
4ـ التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي تصيب المجتمع وتؤثر على أفراده وبالتالي تنقل الأفراد والأسر من حال إلي حال .
5ـ دخول بعض العادات والقيم والممارسات الجديدة في المجتمع ، تكون عاملاً متغيرا يؤدي بالحياة الزواجيه لعدم الاستقرار والاستمرار وبالتالي الانفصال .
6ـ عدم توافق الطباع بين الزوجين نتيجة لأي من أسباب المكونات الاجتماعية أو الشخصية أو غيرها .
7والممارسات السلوكية حسب رأيهم مما يؤدى إلي الانفصال .
8ـ عدم تدخل ذوى القربى في إصلاح ذات البين ، استجابة للتوجيه الإسلامي والرباني بذلك ، بل ترك كل من الزوجين يتصرف وفق الحالة المنفعلة التي يعيشانها .
9ـ سوء الاختيار من قبل الزوج لزوجته أو أسرتها ، والقبول من قبل الزوجة بهذا الرجل القادم دون التأكد من وضع هذا الرجل ومن ثم تكتشف بعد الزواج عدم صلاحيته واستحالة العيش معه أو معها .
10ـ عدم رؤية المخطوبة لزوجها ورؤيته لها يمكن أن يكون سبب في الفرقة، لأن كل منهما يحلم بأن يكون شريكه على مستوى معين من الجمال وحين اللقاء تختلف الصورة ويكون ذلك الموقف بداية المشكلات التي قد تؤدى في النهاية إلي الانفصال والطلاق .
11ـ عدم التكافؤ وهذا يشمل معظم الخصائص الاجتماعية التي يتفاضل بها أبناء المجتمع مثل المستوى الثقافي ، التعليمي، والاقتصادي، والعمري، والعرفي وغير ذلك مما يكون سببا في حدوث بعض المشكلات بين الزوجين .
12ـ عدم انشغال الزوج أو الزوجة بأمور الزوجية وتربية الأبناء ويكون ذلك بسبب العمل أو ارتباطاته أو الدراسة أو التجارة أو غيرها من مظاهر الحياة الاجتماعية ، ويحدث الطلاق لخروج الزوج وسهره وسفره وعدم اكترثه بالأسرة
13ـ السكن مع أسرة أهل الزوج ، وهذا السبب لم يكن في السابق عاملا حاسما في قضايا الطلاق وتعكر صفو الحياة الزوجية لأنه الحالة السائدة ، غير أنه مع تغير الحياة الاجتماعية والاقتصادية أصبح طلب السكن الخاص من قبل الزوجة أمرا ضرورياً سعياً من الزوجة للاستقلال وبذلك يكون السكن مع أهل الزوج سببا في كثير من المشكلات التي تحدث بين الزوجة وأهل الزوج ويؤثر على علاقتها بزوجها .
14ـ الحالة الجنسية للزوجين قد تكون سببا في عدم استمرار الحياة بينهما خصوصا إذا كان كل منهما يريد الإنجاب .
15ـ كثرة الطلبات من قبل الزوجة أو الزوج وهذه الطلبات تختلف باختلاف الجنس فالمرأة قد تكون كثيرة الطلبات المادية أو الخروج أو التسوق أو الزيارات أو غيرها ، أما بالنسبة للزوج فقد تكون الإلحاح منه على قضايا تخص البيت والأولاد والحياة الأسرية مما يسبب انزعاجاً للزوجة تحدث معه المشكلات التي تقف في سبيل استمرار الحياة الزوجية وتنتهي بالطلاق .
16ـ العنف الجسدي بين الزوجين والخيانة الزوجية وهذه من السلوكيات التي لا تقبل اجتماعيا ولا دينيا .(6)
اثار الطلاق :
1ـ ظهور مشاعر الإحباط وعدم الرضا ، ويكون ذلك عند المرأة أكثر من الرجل والسبب في ذلك أن المرأة دائما يقع عليها الطلاق ونظرة المجتمع لها أسوأ من نظرته إلي الرجل كما أن فرص الزواج لها أقل من فرص الرجل .
2ـ مشكلات رعاية الأبناء وذلك حين الانفصال بين الزوجين تكون رعاية الأبناء من المشكلات الأكثر تعقيداً بينهما لأن كلا منهما له الحق في الرعاية غير أنهما يعيشان منفصلين وبعدين عن بعضهما بل في بيئتين مختلفتين أحيانا فالزوج يمكن أن يكون قد أخذ زوجة أخرى والزوجة يمكن أن تكون قد تزوجت بآخر، وهذا يسبب صعوبة أكثر ويعطي نوعاً من الشعور بالذنب تجاه الأبناء .
3ـ أن تجربة الطلاق ولدت لدى المطلق ضغطا عاطفيا ظهرت آثاره فيما بعد مما قلل من استعداده الشخصي لبذل الجهود التي تتطلبها الحياة الأسرية .
4ـ يصبح كل من المطلقين أقل نزوعا نحو المشاركة في اتخاذ قرارات تخص أفراد الأسرة .
5ـ أصبح كل من المطلقين أقل حساسية وأكثر بطئا في الاستجابة حيال المشكلات التي تواجههما .
6ـ يؤدى الطلاق الى عدم الرضا الوظيفي بسبب أن المهنة تتطلب نوعا من التركيز ذهنيا من المطلق أو المطلقة غير أن وضعهما قد لا يسمح لهما بذلك .
7ـ أن من آثار الطلاق عدم التكيف النفسي والاجتماعي لكل من المطلقين .
8ـ من الآثار السلبية التي تواجهها المرأة خصوصا بعد الطلاق الإحباط والوحدة وقلة من يمكن الوثوق به والاعتراف لهم .(13)
علماء اجتماع يحذرون من تفشّي الطلاق في المجتمع السعودي :
حذر علماء اجتماع ومختصون في أمور الزواج من تنامي ظاهره الطلاق في المجتمع السعودي، وقالوا إنها تتجاوز المعدل العالمي الطبيعي بكثير، وتبلغ إجمالاً أكثر من 25% من حالات الزواج. فيما يتراوح المعدل العالمي للطلاق بين 18% و22%.
وأكد خبراء الاجتماع أن أكثر من 60% من حالات الزواج في السعودية تنتهي في عامها الأول.
وتبين السجلات الرسمية لوزارة الخدمة الاجتماعية وقوعأكثر من 25 ألف حالة طلاق في عام 2009 مقابل 120 ألف حالة زواج في العامذاته.
وإلى ذلك، دراسة لوحدة الأبحاث في مركز الدراسات الجامعية أكدت أنمعدل الطلاق في السعودية ارتفع من 25% إلى أكثر من 60% خلال الـ20 سنةالماضية.
وفي ندوة نظمتها جمعية البر في الإحساء، أكد مدير مركز التنميةالأسرية التابع لجمعية البر الخيرية في محافظة الإحساء وكيل كلية الشريعة والدراساتالإسلامية للشؤون التعليمية في المحافظة الدكتور خالد بن سعود الحليبي، تصاعد نسبةالطلاق في بعض مناطق ومحافظات السعودية، وكشف أنها بلغت في جدة 60%، فيما بلغتالنسبة في منطقة الرياض 39%، وفي المنطقة الشرقية 18%، وفي الإحساء20%.وقال الدكتور منصور العسكر الأستاذ المشارك بقسم الاجتماع بجامعةالإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض عضو مجلس الإدارة في الجمعية السعودية لعلمالاجتماع والخدمة الاجتماعية إن" لدينا حالات زواج كثيرةسنوياً وحالات طلاق كثيرة أيضاً. ولكن الإحصائيات لا تحدد عمر الزواج الذي انتهى. ما يحصل الآن ان الدراسات تؤكد أنه تم إجراء أكثر من 120 ألف حالة زواج في العامالماضي مقابل أكثر من 25 ألف حاله طلاق. ولكن لم تحدد هل هذه الحالات التي تم فيهاالطلاق كانت خلال نفس السنة أو من كانت إنهاء لزواج كان بدأ من فترة أطول؟ نحتاجإلى دراسات أكثر دقة في هذا الجانب .
وأضاف: "أجريت إحصاءات خلال السنواتالعشر الماضية عن طريق وزارة العدل خلصت إلى أن معدل الطلاق في السعودية يعتبرمرتفعاً". ويتابع:" تضل السعودية أقل في المعدل من الكويت - الأعلى في منطقةالخليج".
وحثّ العسكر على تثقيف المتزوجين قبل الزواج لتعريفهم بمسؤوليتهمومهامهم وبحقيقة الزواج، وتابع: "السبب الأكبر في انتشار الطلاق في السعودية حسبدراستي يعود إلى الضعف في تحمل المسؤولية، الشاب يتعود على رعاية الأب والأموالفتاة كذلك، هم اقل قدرة على تحمل المسؤولية الآن بسبب توفير كل متطلباتهموالجلوس أمام الإنترنت لفترة طويلة والإدمان على الألعاب الالكترونية وهم لم يعانواالجهد والتعب لتوفير متطلباتهم، الرفاهية الزائدة أثرت في شخصيتهم وجعلتهم لايتحملون مسؤولية العائلة"(8)
الطلاق العاطفي :
كانت ظاهرة الطلاق النهائي بين الأزواج قد احتلت حيزا كبيرا في اهتمامات القدامىوالمعاصرين، وطغت على كثير من كتاباتهم نزعة المبالغة في مناهضتها وبغضها لغرض ضبطالعلاقات الزوجية والحيلولة دون تفككها، فإن ظاهرة الطلاق العاطفي لم تلق الاهتمامالمطلوب رغم شيوعها في الحياة الأسرية المعاصرة .
ونظرا للمخاطر المتزايدة لهذه الظاهرة، فلا بد من الوقوف عندهابالتحليل والنقد، مُتلمّسا المخرج المناسب الذي يعيد التوازن للأفراد الذين يكتوونبنار الاختلافات العائلية، ويتلظّون بتدنّي الحياة العاطفية الأسرية.
تقول الكاتبة نورية يمكنني أن أعرّف الطلاق العاطفي، بأنّه حالة الانفصال الوجداني الناشئة بينالزوجين والقطيعة النفسية الواقعة بينهما، وما ينشأ عن ذلك من بُعد كُلّ منهما عنالآخر في أغلب أمور الحياة اليومية، وغياب روح التوافق على قواسم مشتركة بينهما فيالمسائل المصيرية المتعلقة بالتصرف والبرمجة والطلاق النفسي نوعان، الأول يكون فيه الزوجان واعييْن بما هما عليه من طلاقنفسي، وبما يعيشانه من تدهور في بيئتهما العاطفية على النحو الذي فصّلته .
أما الثاني فيكون فيه طرف واحد - وغالبا ما تكون المرأة - غير راض على وضعهالعاطفي لاصطدامه بتناقضات شتّى مع شريكه ولشعوره باهتزاز انسجامه معه وفقدانهلثقته، غير أنه يظل متكتّما على ما يعيشُه من مشاعر مُخفيا ضيقه بطبيعة علاقته غيرالمتوازنة اجتنابا للوقوع في الطلاق المباشر.
ونظرا للعوامل الثقافية والاجتماعية الكثيرة التي تحُول دون القطيعة النهائيةبين الزوجين، فقد شهدتْ ظاهرة الطلاق العاطفي بنوعيها المذكورين انتشارا خطيرا، إذأصبحتْ تشقّ أغلب الأسر وتلقي بغيومها على جميع أفرادها بما، يُخيّم عليها من جفاءوصمت وقساوة وخشونة وتخلّ عن المعاشرة وتشنّج وجدال وعناد وخصام لأتفه الأسبابوخيانة وإدمان وهروب من المنزل وعنف مختلف الأشكال وميلإلى التواكل والإهمال وعدم تحمل المسؤولية والجنوح الدائم إلى الإهانة المتبادلةوتدمير الطاقة المعنوية وتحطيم جوانب القوة في الشخصية بما يؤجج مشاعر الكراهية،وبما يزرع في بعض الأحيان الرغبة في الانتقام.
وإنّ ما يلقاه طرفا العلاقة الزوجية من متاعب نتيجة ما بينهما من حرب باردةوخصام مُتجدّد واستسلام لموجات التدمير العاطفي وتحطيم مقومات الذات وقتل طاقاتهاالمتجددة، لا يرقى إلى مستوى ما يلقاه الأبناء من معاناة في ظل هذا المناخ المتأزم، فما يجدونه في وضع الطلاق العاطفي لأنكى وأشد مما قد يجدونه في حالة الطلاقالنهائي بين الأبوين.
إنّ الأبناء - وعى الآباء بذلك أم لم يعُوا- وهم يقفُون يوميا على أرض منالألغام المتفجّرة ويحترقون بشظاياها، ليتشرّبون من المشاعر السيئة، وليتجرّعونمرارة الحياة باستمرار، مع أنّهم لا يتجرّؤون على الإفصاح عن ميولهم لخيار انفصالالأبوين عن بعضهما رغبة منهم في الخلاص من واقع طالما أربك شخصياتهم وهزّثقاتهم بأنفسهم وبمحيطهم العائلي، وربّما أورثهم هُمْ أيضا عجزا عن اتخاذ القراراتالصائبة في حياتهم الخاصة.
إنّ الطلاق النفسي يمثّل فعلا أزمة حقيقية تعصف بكثير من العلاقات الزوجية، كماتُعرّض الأبناء لمخاطر تفوقُ تلك المخاطر المُفترضة التي قد تحصل جراء الطلاقالنهائي ، إذ في غياب البيت الطبيعي المُترع بالدف والحنان والحُبّ والسكينةوالانسجام والتفاهم ينشأ الأطفال نشأة غير سليمة، ويُصابون بأمراض نفسيةمنها انفصام الشخصية وفقدان الثقة بالذات والعجز عن أخذ القرارات المناسبة .
من هنا يُمكنني أن أقول: إنّ تضخيم خطورة الطلاق المباشر والإنذار بنتائجه مقابل السكوت عن مخاطر الطلاق النفسي والإفصاح عن تأثيراته المفجعة علىجميع أفراد الأسرة الواحدة خصوصا الأبناء، يُعدّ تهرّبا من مواجهة مشكلات الأسرةالعاطفية وعجزا عن تبيّن الحلول الملائمة لها.
وطالما استمرت ذهنية تأثيم الطلاق الشرعي والنظر إليه على أنّه خطوة عبثيةأنانيّة، طالما ظلّت ظاهرة الطلاق العاطفي في تضخّمها، وطالما ازدادت تعقيداتهاوآثارها السلبية على الفرد والمجتمع، بل لا أبالغ إذا قلت: إنّ كثيرا من الجرائمالأسرية منها القتلُ مردّهُ تعقيداتُ الطلاق العاطفي، وما كان لمثل هذه الجرائم أنتنشأ في نظري لو اهتدى كل طرف إلى المخرج السليم والشرعي في الإقبال بشجاعة علىالطلاق المباشر الذي يحفظ كرامة الجميع، ويوفّر لهم أرضية جديدة لا تحكمهاالمشاحنات وروح الكراهية والانتقام.
وتضيف الكاتبة نورية ــ إنّ ما يخلقه الطلاق العاطفي من مآس جمّة في الحياة الأسرية وفي ظلّ عجزالأزواج عن صياغة رؤية واضحة في التوافق والتعايش والاحترام وفق روح الشريعةالإسلامية في الإمساك بمعروف أو التسريح بمعروف يجعلني لا أتردّدُ في الدعوة إلىالتحرّر منه باختيار ما ارتضاه الله عزّ وجل من طلاق نهائي على أرضية من التفاهمبين الزوجين على الاستمرار في تحمّل مسؤولية رعاية الأبناء وتربيتهم بعيدا عنالتجاذب والصراع .(9)
أسباب الطلاق من وجهة نظر الرجل السعودي :
في دراسة قامت بها الدكتورة سلوي الخطيب تهدف إلي الكشف عن أسباب الطلاق في المجتمع السعودي بصفة عامة ، وأهم العوامل المؤدية إليه من وجهة نظر الرجل السعودي باعتباره صاحب الحق الأول في اتخاذ قرار الطلاق ، وقد استندت الباحثة في دراستها هذه على دراسة 204 حالات طلاق وردت إلي محكمة الضمان والأنكحة في مدينة الرياض خلال شهر واحد من عام 1406هـ
السبب الأول: اختلاف الطباع تشير البيانات الرسمية للمحكمة الشرعية إلي أن أهم أسباب الطلاق في مجتمع الدراسة (22%) اختلاف الطباع بين الزوجين ويرجع اختلاف الطباع بين الزوجين إلي الفروق الفردية بينهما أو اختلاف تصرفات كل منهما عن الأخر نتيجة لاختلاف الوسط الاجتماعي والثقافي الذي نشأ فيه كل منهما .
السبب الثاني: النفور الطبيعي يحتل هذا العامل الدرجة الثانية من حيث الأهمية في حدوث الطلاق إذ ذكر 20% من مجتمع الدراسة أن النفور الطبيعي هو سبب الطلاق ويرجع النفور الطبيعي بين الزوجين إلي عوامل نفسية أو اجتماعية وتتمثل العوامل النفسية في عدم شعور أحد الطرفين بالارتياح للآخر وقد يرجع النفور الطبيعي لعوامل اجتماعية كإجبار أحد الزوجين للارتباط بالآخر وقد يرجع النفور لطريقة الزواج عند بعض الأسر والتي لا تسمح للخطيبين برؤية بعضهما البعض إلا ليلة الزفاف .
السبب الثالث:تدخل الأهل ـ لما كان الزواج ليس مجرد ارتباط بين فردين فقط بل هو ارتباط بين عائلتين فإن تقبل أهل الزوجين للطرف الآخر يلعب دوراً مهماً في استمرار الحياة الزوجية .
السبب الرابع:سوء عشرتها أشار ستة وعشرون مطلقاً إلي سوء العشرة مع الزوجة ولم يوضح الكثير منهم ما المقصود بكلمة سوء العشرة .
السبب الخامس:بناءً على طلب الزوجة بعض حالات الطلاق التي تمت 19 حالة كانت بناءً على طلب الزوجة وقد يرجع ذلك إلي إكراه المرأة على الزواج منذ البداية ، أو لسوء معاملة الزوج واستخدامه العنف في معاملة الزوجة سواء كان هذا العنف لفظياً أو مادياً كالضرب ، أو لوجود بعض العادات السيئة كشرب الخمر أو المخدرات .
السبب السادس:لاختلاف جنسية الزوجة أشار بعض المطلقين إلي أن سبب الطلاق يرجع إلي اختلاف جنسية الزوجة وعدم قدرتها على التكيف مع عادات المجتمع السعودي ، فقد ذكر بعض المطلقين أن سبب الطلاق هو عدم قدرة الزوجة على التكيف مع فكرة الغطاء والحجاب السائد في المجتمع السعودي أو عدم تحملها البقاء في المنزل لفترات طويلة أو عدم قدرتها على التكيف مع أهل الزوج إلي جانب كثرة سفر الزوجة وبقائها في بلادها لفترات طويلة جعل استمرار الحياة الزوجية أمراً مستحيلاً .
السبب السابع:فارق السن بين الزوجين ذكر عدد قليل من المطلقين 13 مطلقاً أن سبب الطلاق هو فارق السن بين الزوجين مما أدى إلي انعدام التفاهم والتوافق بينهما .
السبب الثامن:عدم الإنجاب أوضحت الدراسة أن هناك علاقة بين عدد الأطفال والطلاق ذلك أن أكبر نسبة طلاق 53,4% كانت بين الأسر التي ليس لديها أطفال ثم انخفضت النسبة الي 33,8% لدى الأسر التي لديها طفل واحد فقط ، وهكذا تنخفض تدريجيا كلما زاد عدد الأطفال وهذا يعني أن وجود الأطفال يعتبر عاملاً مهما من عوامل استمرار الحياة الزوجية ويقلل من احتمالات الطلاق ، وإن عجز أحد الزوجين عن القيام بهذه الوظيفة أدى ذلك إلي حدوث الطلاق .
السبب التاسع:مرض أحد الزوجين ذكر أحد عشر مطلقاً أن سبب الطلاق يرجع لمرض أحد الزوجين بمرض نفسي أو جسمي يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية كمرض الصرع أو وجود حروق أو تشوهات خلقية في الزوجة تحول دون قيام الزوجة بواجباتها الطبيعية .
السبب العاشر:الزواج من أخرى تبلغ نسبة المطلقين الذين لديهم أكثر من زوجة في مجتمع الدراسة 40,2% وأن نسبة 59,8% من المطلقين ليس لديهم سوى زوجة واحدة وقت حدوث الطلاق وهي المطلقة نفسها .
السبب الحادي عشر:عمل الزوجة . ذكرت فئة قليلة ، سبعة مطلقين ، أي ما يعادل 3,4%من مجتمع الدراسة أن عمل الزوجة هو السبب في الطلاق .
السبب الثاني عشر ــ العامل الجنسي . لما كان لإشباع الجنسي أحد وظائف الأسرة فإن عجز أحد الزوجين في تحقيق هذا الإشباع للأخر سببا في حدوث الطلاق وقد ذكر خمسة مطلقين أن العامل الجنسي هو سبب الطلاق .(10)
الفصل الثالث
الطـــلاق والأبنـــاء
الطلاق والأبناء :
إن معظم الدراسات التي تناولت الطلاق ، وأوضاع المطلقين كان من ضمن ما تناولته التفكك الأسرى ، وأثره على الأبناء حيث يفترض أن الأبناء يعيشون في جو أسري سليم يؤثر إيجابيا على تنشئتهم الاجتماعية والنفسية وبالتالي يخلق نوعا من التوازن النفسي والعاطفي لديهم في ظل وجود الوالدين ، وحينما يفقد الأبناء الوالدين بالطلاق يكون لذلك أثر سلبي في حياتهم وخصوصاً إذا كان هذا الانفصال بين الزوجين نتيجة مشاحنات ومشاجرات واختلافات عنيفة لأن هذه المشكلات سوف تنتقل إلى الأبناء عبر أحد الوالدين أو كليهما مما يخلق نوعاً من عدم الاستقرار النفسي ونظرة الأبناء إلى الدنيا والحياة بمنظار المشكلات التي عانوا منها ، ويمكن القول إن الآثار الناتجة عن الطلاق والواقعة على الأبناء يمكن إجمالها في القضايا التالية :
1ـ التوتر النفسي الذي يصيب الأبناء جراء فراق الوالدين .
2ـ سوء التكيف الاجتماعي والنفسي الذي يحدث للأبناء .
3ـ النظرة غير المتوازنة من قبل المجتمع لأبناء المطلقين .
4ـ سوء التقدير الذي يصيب الأبناء تجاه والديهم والمجتمع .
5ـ الانحرافات السلوكية والأخلاقية التي يمكن أن تصيب أبناء المطلقين .
6ـ ضعف المناعة الدينية والاجتماعية والنفسية لدى أبناء المطلقين .
7ـ الفشل في بعض جوانب الحياة الاجتماعية الذي يصاب به أبناء المطلقين .
8ـ قلة الاهتمام والسلبية من أبناء المطلقين نتيجة النظرة السوداوية التي يحملها الأبناء تجاه فراق الوالدين .
9ـ ضعف التربية والتنشئة الاجتماعية والأسرية التي يتصف بها أبناء المطلقين نتيجة فراق الوالدين .
10ـ ضعف البناء النفسي والذاتي لأبناء المطلقين .
11ـ الاتصاف بالحدة والعنف والأحادية في التفكير والعمل نتيجة عدم وجود موجه لهم جراء الطلاق .
12ـ الفراغ العاطفي وعدم الإحساس بالآخر.(11)
تكيف الأبناء مع مشكلة طلاق الوالدين :
كما يشعر المطلقون بالفشل والضياع والوحدة والغضب في لحظة الطلاق وما بعده يشعر أيضا أبناء المطلقين أن الأرض غارت من تحت أقدامهم وأن زلزالا مروعا قد دمر البيت وذهب بالدفء والاستقرار والراحة والحب إلي الأبد وهم ينظرون إلي الأب والأم وكل منهما يمشي عكس اتجاه الآخر ويعطيه ظهره والأبناء لا يدرون مع أيهما يذهبون والمؤكد أنهم سيلحقون بأحد الأبوين ويفقدون الآخر، وبناء على ذلك يحتاج أبناء المطلقين إلي نوع من الرعاية النفسية والاجتماعية من أجل تخفيف آثار الطلاق ، وقد نفهم أن الرعاية تبدأ بعد الطلاق ولكن هذا غير صحيح فالرعاية نحتاج ان نبدأها قبل وقوع الطلاق وأثناء الطلاق وبعد الطلاق .
قبل وقوع الطلاق ــ كثير ما يشهد الأبناء مظاهر صراع الأبوين وخلافاتهما ونزاعاتهما المؤلمة ، وبعض الأزواج و الزوجات رغم علمها بالأثر السيء لذلك لا يستطيعان التوقف عن إظهار كل ذلك أو بعضه أمام الأبناء ، وقد تكون ثمة رغبة لا شعورية أو شعورية لدى أحدهما لإظهار ذلك أمام الأبناء بهدف الضغط على الطرف الآخر ( خاصة إذا بدا أنه يتألم من ذلك أو يحاول إيقافه ) أو بهدف استقطاب الأبناء بعد تشويه الطرف الآخر وأهانته أمامهم ( مع أن العكس يحدث في الحقيقة حيث يكره الأبناء الطرف المعتدي وربما يحتقرونه و يبتعدون عنه ) أو الهدف إظهار أنه ضحية وأنه يحتاج لمساعدة الأبناء للضغط على الطرف الأخر المعتدي ، المهم أن الأبناء في كل الحالات يعيشون في بيت قد تحول لحلبة صراع وأصبح شبيهاً بساحة معركة بدلاً من أن يكون عامراً بمعاني السكن والمودة والرحمة وهذا ما يدعو المتحمسين للطلاق كحل في مثل هذه الظروف لأن يقولوا بأن انفصال الأبوين عن بعضهما في مثل هذه الظروف أفضل للجميع على الرغم من معرفتهم بكل مساوئ وتبعات الطلاق.
وقد تتوقف المنازعات والمشاجرات وتحل محلها حالة من الفتور و اللامبالاة وفقد إحساس كل طرف بالآخر فيعيش الزوجان وكأنهما غربيين على بعضهما ويلف البيت سحابة باردة وينعدم فيه الدفء والحب والطمأنينة ويعيش الأبناء في هذا الجو وكأنهم يعيشون في قبر تخلو منه الحياة و المشاعر ويصبح كل شخص منعزلاًُ عن الأخر.
هذه الظروف سواءاً كانت الصاخبة منها أو الباردة الفاترة تترك آثارها العميقة على الأبناء وقد يعبرون عنها بطرق مباشرة صريحة خاصة إذا كانوا في مرحلة من النضج تسمح بذلك وقد لا يستطيعون التعبير عنها بهذا الشكل فتتسرب إلي نفوسهم وتتغلغل فيها لكي تظهر في شكل اضطرابات في النوم أو أحلام مفزعة أو فقدان للشهية أو إفراط في الطعام أو تغيرات في الوزن (بالنقص أو الزيادة ) أو هرب من البيت أو من المدرسة أو تعاطياً لمخدرات أو مسكرات هرباً من الألم النفسي ومن الشعور بالتعاسة والإحباط .
وقد يستقطب الأبناء ناحية أحد الوالدين ليدخلوا في صراع مع الآخر وقد ينقسمون بين الأب والأم فيذهب بعضهم مع هذا أو يذهب البعض الآخر مع ذلك ويتحول البيت إلي معسكرين متصارعين ، وربما انتبه الوالدان لذلك أو لم ينتبهوا ، ولكنهم ماضون في صراعهم أو انفصالهم أو فتورهم أو استقطابهم غير مدركين ( أو مدركين ) لآثار كل ذلك على البنية النفسية لأطفالهم .
ومن هنا تأتي أهمية التدخل من المحيطين بهم والمهتمين بشئونهم والخائفين عليهم لتحسين هذه الأوضاع ولمحاولة رأب الصدع وحل الصراع ، وإذا لم ينجح كل هذا فلا أقل من حماية كل الأطراف من الآثار المدمرة لهذا الجو المضطرب وذلك من خلال الارتقاء بلغة الخلاف ومن خلال وضع ضوابط وحدود لأدوات الصراع وآلياته .
والطرف الثالث الذي يتدخل بين الزوجين يضبط إيقاع العلاقة المضطربة قد يكون أحد الأقارب من عائلة الزوجة أو الزوج ، أو يكون اثنين أحدهما من عائلة الزوجة والآخر من عائلة الزوج وهو ما جاء في القران الكريم " وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما " (النساء 35) والحكمة في هذا الاختيار الثنائي أن نضمن العدالة وعدم التحيز الذي قد ينشأ عن الانتماء العائلي والتحيز العاطفي.
وفي حالة عجز الآليات العائلية عن الإصلاح بين الزوجين ، قد ينتقل الأمر كمرحلة تالية إلي أحد المتخصصين النفسين أو الاجتماعيين لمساعدة الطرفين المتصارعين على الاستبصار بطبيعة الصراع وأسبابه وأدواته ثم محاولة الاستفادة من هذه البصيرة في إطفاء بؤر الصراع لدى وبين الطرفين أو على الأقل إدارة الصراع بطريقة متحضرة على أمل الوصول في وقت ما إلي مرحلة حل الصراع والشخص المتخصص هنا سواء كان طبيباً نفسياً أو أخصائيا نفسياً أو اجتماعياً يتميز بالخبرة والحيادية وعدم التحيز ( أو يجب أن يكون كذلك ) إضافة إلي احتفاظه بأسرار الطرفين وإدراكه لحساسية موقف الأطفال وضرورة رعايتهم في وقت احتدام الصراع .
ومن الأشياء المطلوبة قبل حدوث الطلاق :
1ـ تجنب إظهار الصراعات والخلافات أمام الأطفال .
2ـ تجنب استخدام الأطفال للضغط وتجنب استقطابهم نحو أي طرف .
3ـ إذا كان الطلاق قد أصبح وشيكاً أو مؤكداً فقد يصبح من المفيد أن يعرف به الأطفال على قدر ما يحتمل إدراكهم على أن يتم ذلك بصورة فيها حكمة وهدوء وأن لا يتم تشويه صورة أحد الطرفين أو كليهما أثناء القيام بهذا الأمر .
4ـ وإذا كان الأبناء في سن أكبر فقد يجلس معهما الوالدان ويشرحان لهما صعوبة أو استحالة استمرارهما معاً ورغبتهما في الانفصال ، وأن هذا لا يعني كونهما سيئين أو كون أحدهما سيئاً وإنما يعني أنهما لم يتفقا في طباعهما وأن الله قد أحل الطلاق في الظروف التي يصبح استمرار الزوجين معاً أكثر ضرراً عليهما وعلى أبنائهما وأنهما حتى بعد الطلاق سيظلان أبوين راعيين لأبنائهما وأن كلاً منهما سيحترم الآخر في إطار الظروف الجديدة التي ستطرأ بعد الطلاق وأنهما سيبذلان ما في وسعهما للمحافظة على استقرار وسلامة وسعادة أبنائهما ، فعلى الرغم من أنهما لن يصبحا زوجين بعد الطلاق إلا أنهما سيظلان أبوين لأبنائهما .
يقول الدكتورـ محمد المهدي قد يبدو هذا الأمر مثالياً بدرجة أو بأخرى وقد يتساءل البعض إن كان الزوجين على هذه الدرجة من النضج والرقي والتحضر فلماذا إذن الطلاق ؟