أكّد «د. توفيق السويلم» -رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية لرعاية الأسر السعودية في الخارج «أواصر»- أنّ الجمعية بذلت جهوداً كبيرة في رسم البسمة على وجوه عدد كبير من الأسر المنقطعة في الخارج، وبعثت الأمل من جديد لتلك الأسر بلم الشمل، ومد يد العون والرعاية لهم، وإيجاد حلول عملية وبناءة لأوضاع الأسر السعودية المنقطعة والمتعثرة في الخارج، ومساعدتهم للعودة إلى الوطن بما يتناغم والأنظمة الرسمية، ويرضي طموحات الوطن والمواطن، مع الأخذ في الاعتبار توعية المجتمع للحد من تنامي عدد الأسر السعودية المنقطعة في الخارج وفق منهجية علمية وأساليب اتصال فعالة، ويأتي ذلك إنفاذاً لتوجهات ولاة الأمر يحفظهم الله، وتوجيه الأمير محمد بن نايف الرئيس الفخري للجمعية.
وقال في حوار ل»الرياض»: «بلغ عدد الأسر السعودية التي ترعاها الجمعية حتى الآن (2103) أسر، وعدد أفرادها (7559) موزعين على (31) دولة، وتتعامل الجمعية مع أكثر من (96) سفارة سعودية حول العالم، حيث أن من أهدافها تفقد الأسر السعودية وأبناءها في الخارج والتأكد من أوراقهم القانونية الثبوتية، وتوفير وضع قانوني ومادي سليم لهم والعمل على إعادتهم لأرض الوطن»، موجهاً النداء إلى الذين يتزوجون من الخارج ويعودون تاركين أبناءهم بأن يتقوا الله في ذويهم، محذراً من مخاطر الزواج غير المقنن من الخارج، وما يترتب عليه من آثار اجتماعية وإنسانية وأمنية سلبية.
أسر منقطعة
* ما المقصود بالأسرة المنقطعة في الخارج؟ وما أسباب انقطاعها؟
- المقصود بالأسر المنقطعة بالخارج هم: أبناء الزوجة الأجنبية المتزوجة من سعودي ويكونون بحاجة إلى رعاية إدارية ومالية، وترعاهم الجمعية بتقديم العون والمساعدة لهم ورعايتهم.
ومن أهم الأسباب ظاهرة الزواج العشوائي وصعوبة التكيف وعدم الاندماج في حال الزواج العشوائي نتيجة لاختلاف العادات والتقاليد والقيم، إضافةً إلى أنّ تكاليف هذا النوع من الزواج تعتبر باهظة من جهة الخدمات المعيشية والصحية والتعليمية الضرورية للأبناء، ويسهم في تعقيد المشكلة عدم استكمال الأوراق الثبوتية للأبناء؛ مما يجعلهم تائهين، إلى جانب إمكان إصابة الزوج أو الأبناء بأمراض مختلفة في بعض البلدان، كما أنّ من بين مخاطر الزواج العشوائي الوقوع -لا سمح الله- في مصيدة عصابات تمارس الاستغلال والابتزاز، وهذا الزواج سواءً أكان نظامياً أم لا تكثر فيه المشاكل التي تجعل أبناء السعودي منقطعين بالخارج.
وقد حذرت الجمعية في كل مناسبة المواطنين المسافرين خارج المملكة من سماسرة يتمركزون في مطارات بعض الدول، ويسعون إلى اصطياد بعض السعوديين والخليجين لإقحامهم في الزواج العشوائي، خصوصاً في إجازات الصيف، مؤكّداً أنّ الجمعية تسعى لحماية السعوديين من الوقوع في أشكال خاطئة من الزواج العشوائي الموقت، من خلال الأخذ بنصائح ممن خاضوا هذه التجربة.
الدول الأكثر
* ما هي الدول التي يتواجد بها عدد أكبر من المنقطعين؟ وكيف تقدم مساعداتها لهم؟ وكم يبلغ عدد الأسر التي ترعاها بالخارج؟
- الدول التي يتواجد بها عدد كبير من السعوديين هي «سورية» و»مصر» و»البحرين» و»المغرب» و»الكويت» و»الأردن»، وقد قدمت الجمعية خدمات متميزة من أجل حفظ كرامة الأسر السعودية المنقطعة في الخارج، من خلال الدعم المادي والمعنوي، وتقديم سبل الرعاية الاجتماعية، والصحية، والتعليمية، وإعادة تأهيل تلك الأسر، وإعادتها إلى وطنها ما أمكن، والعمل على دمجها داخل المجتمع، لتصبح عناصر فعالة، ومن هذا المنطلق تقدم الجمعية الخيرية لرعاية الأسر السعودية في الخارج «أواصر» المساعدة للمحتاجين من المواطنين السعوديين المقيمين في الخارج، الذين تتوافر لديهم مبررات قوية لبقائهم هناك، أو تقطعت بهم السبل.
وبلغ عدد الأسر التي استطاعت الجمعية إعادتهم خلال العامين الماضيين (37) أسرة وعدد أفرادها يزيد على (105) أفراد، حيث تسعى دائماً إلى التنسيق مع مختلف الأجهزة ذات العلاقة للحد من الزواج العشوائي من الخارج، والبحث عن أفضل الحلول لعلاج الظاهرة.
مشاكل متنوعة
* ماذا قد يترتب على زواج السعودي بشكل عشوائي من الخارج من مشاكل قانونية واجتماعية؟
- هناك عدد من الأسر في الخارج تعاني من مشاكل اجتماعية وقانونية، وسفارات المملكة لديها القصص التي تتكرر، خصوصاً في فصل الصيف مع ازدياد أعداد السعوديين المسافرين للعديد من الدول، ليقعوا في مصيدة الزواج العرفي، أو ما يسمى ب «المسفار» و»المسيار» و»المطيار» وغيرها من أنواع الزيجات، وللأسف يقعون في مصائد النصب والاحتيال من سماسرة الزيجات، وكثير ممن يتزوجون في الخارج يكون غير مصرح لهم، فيدخلون في مشاكل قانونية واجتماعية؛ مما يجعل الزوج يعود إلى المملكة تاركاً زوجته، وقد تفاجئه في حملها، وتبدأ بملاحقته قانونياً.
ولا بد أن يعرف المجتمع أنّ مفهوم الزواج ليس عبارة عن ارتباط المرأة برجل فقط، بل إنّه يتعلق بعملية بناء مجتمع وتربية أجيال، وكلما كانت الحياة الزوجية مبنية على أسس سليمة وعلى اتفاق تام وراحة نفسية، أدّى ذلك إلى بناء أسرة مستقرة تساهم في البناء العلمي والتنمية الاقتصادية، ولا بد أن يكون الزواج مبنياً على أسس علمية واجتماعية تؤدي إلى تحقيق مفهوم الزواج وارتقاء مستوى الأسرة، وضرورة إدراك الشباب أهمية الاستقرار الأسري.
رؤية الجمعية
* ماهي الرؤية والأهداف التي تسعى الجمعية من خلالها إلى تحقيق تطلعاتها؟
تتطلع الجمعية لأن تكون الرائدة في المملكة لتصحيح أوضاع الأسر السعودية المنقطعة في الخارج، والعمل على إعادتها إلى أرض الوطن، ومساعدتها لاستخراج وثائقها الرسمية، وإنهاء جميع الإجراءات النظامية، وإيجاد حلول عملية وبناءة لأوضاع الأسر المتعثرة، ومد يد العون لهم ومساعدتهم للعودة إلى الوطن بما يتناغم والأنظمة الرسمية، كما تهدف إلى تقديم يد العون والمساعدة للمحتاجين من المواطنين السعوديين المقيمين في الخارج، والذين تتوفر لديهم مبررات قوية لبقائهم هناك أو تقطعت بهم السبل.
وتعمل على توفير مستلزمات ومتطلبات إعادتهم للوطن والتنسيق مع الأجهزة الحكومية المختلفة لتوفير الاحتياجات الضرورية واللازمة لمن يعود منهم لأرض الوطن، وأيضا العمل على إعداد الدراسات والبحوث اللازمة لدراسة ظاهرة الزواج العشوائي من الخارج، والآثار المترتبة على هذه العلاقة غير المتوازنة، ورفعها إلى الجهات الحكومية المختصة.
* ما السبل التي يستخدمها ضعاف النفوس للإيقاع بالسعوديين للزواج خصوصا وقت الإجازات، وما النصائح التي تقدمها الجمعية للمسافرين للخارج؟
- هناك طرق مختلفة لضعاف النفوس للإيقاع بالناس واستغلالهم بطرق مؤذية، منها استقبالهم في المطار، ومن ثم إغرائهم بأمور كثيرة وإقناعهم بها، وهنا لا بد من أخذ الحيطة والحذر وعدم مجاراتهم مهما كانت الأسباب، كما يتم -للأسف- مراقبة المواطنين في المطارات والمنافذ، ومحاولة إيقافهم بكافة السبل، بهدف تحقيق مكاسب مالية، واستخدام الفتيات للإيقاع بهم، وهذه الطريقة متبعة بشكل كبير.
وتنصح الجمعية المواطنين السعوديين المسافرين للخارج بالبعد عن سماسرة الزواج لتجنيبهم العواقب الوخيمة المترتبة على ذلك، كما أن من المهم قبل الشروع بالزواج الأخذ بنصائح من خاضوا هذه التجربة، والاستئناس بآراء مسؤولي السفارات السعودية لمعرفة ضوابط وشروط الزواج في البلد الذي ينوون الزواج منه، وللأسف أنّ هناك من يعتقد أن تكاليف الزواج من الخارج رخيصة، ولكن ذلك يبدو عند البداية، بينما في واقع الأمر هي تكاليف باهظة جداً لا يشعر بها من يمارسها، إلاّ مرحلياً؛ لأنّها تأتي عليه بطريقة التقسيط المريح الذي لا تنتهي أقساطه، وكثير من هذه الزيجات فشلت بسبب اختلاف العادات والتقاليد والثقافات؛ مما تسبب في هذا الأمر إلى حدوث طلاق بين الزوجين والخاسر هم الأولاد.
* ما دور الإعلام والمجتمع في التعريف بالجهود التي تبذلها الجمعية للحد من ظاهرة الانقطاع؟
- نحتاج لتفاعل الإعلام والمجتمع والوقوف معنا للحد من مثل هذه الظواهر، وأشدد على أهمية دور وسائل الإعلام في دعم جهود أواصر والتعريف برسالتها وأهدافها، بخاصة في شرح سلبيات الزواج من الخارج وما يترتب عليه من مشكلات اجتماعية كثيرة، وتبني نشر ملخصات الدراسات التي تعدها الجمعية حول هذه المشكلة وارتباطها بارتفاع معدلات العنوسة بين الفتيات في المملكة، بالإضافة إلى تكثيف حملات التوعية لحث نخب المجتمع من الأكاديميين والإعلاميين والكتاب للتفاعل مع ظاهرة الزواج العشوائي من الخارج والتحذير من مخاطر شيوعاً.
وأؤكّد على أهمية دور رجال الأعمال في دعم أنشطة وبرامج الجمعية ومواصلة جهودها والوصول إلى أكبر عدد من الأسر السعودية المنقطعة في الخارج، وبفضل الله بعد إيجاد قاعدة بيانات حديثة للعديد من الأسر أفادنا بالوصول إليهم بسهولة؛ لأنّ غياب البيانات الدقيقة يؤثر سلباً فيتعذر الوصول إليها في بعض الأحيان، وخاصة في حال عدم تسجيل حالات الزواج لدى الجهات الرسمية في الخارج أو السفارات السعودية.
* كيف يتم التواصل فيما بين الجمعية والمنقطعين؟ وما الإجراءات بعد إعادتهم؟ وما أبرز البرامج التي يتم إعدادها لهم؟
- تتواصل الجمعية مع الأسر السعودية المنقطعة في الخارج وتتعرف عليها من خلال سفارات خادم الحرمين الشريفين، ومن خلال زيارات الوفود الميدانية للدول المتواجدين فيها, كما أن للجمعية موقعا إلكترونيا (www.awasser.org.sa) ونتسلم من خلاله يومياً العديد من الرسائل ويتم الرد عليها في اليوم نفسه، إضافة إلى الفاكس الدولي (00966112402349) حيث يستطيع أي شخص من خلاله التواصل مع الجمعية.
ويتم استقبال الأسر في المطار، وإنهاء إجراءات قدومهم، والعمل على تأمين مسكن موقت، ثم استئجار شقق وتأثيثها لمدة ستة أشهر، وتأمين المعيشة والمصروفات الشخصية والعلاج - في حال استدعى الأمر -، ومخاطبة الضمان الاجتماعي، ومخاطبة الجمعيات الخيرية، والمساعدة في إصدار الهوية الوطنية لمن ليس له هوية، وتسيير حملات للعمرة لمن يرغب، وكذلك التواصل مع الأسر وتكثيف العمل على لدمجها بالمجتمع.
وتم العمل على تصميم برامج فاعلة لدمج تلك الأسر في المجتمع، وعمل دراسات اجتماعية حول ظاهرة الزواج العشوائي من الخارج، إضافة للمشاركة الفاعلة في جميع المنتديات العلمية والاجتماعية، وإشراك منسوبي هذه الأسر في الأسواق الخيرية، وحثهم في تسويق منتجاتهم في تلك الأسواق -كلاً حسب مؤهلاته وقدراته-، وتفعيل دور الجمعيات الخيرية بتوقيع عدد من الاتفاقيات لتكون الفائدة من خلالها عائدة على الأسر العائدة والراغبة في العودة للحق.